. . . نَصيحَـةْ . . .
قالوا : غضبْتَ وما في حِكْمةِ الكُتُبِ
شـيءٌ يُدانُ كما في ثـورةِ الغضَـبِ
فقلْتُ : واللهِ ما شـــاهدّتُ يجعلُنـي
أثـورُ كالنَّــارِ في حمَّالَـةِ الحَطَـبِ
مِنْ واحـدٍ ما بـهِ مِنْ خَصلَةٍ أدَبـاً
لا بـــلْ تكامُـلُهُ فــي قِــلَّةِ الأدَبِ
عفْوَ المُريـدينَ أنْ أبدلْتُ قولَتَـهُمْ
كمَنْ يُــبدِّلُ رأسَ القومِ بالذَّنَـبِ
أنـزلْـتُهُ دَرَكاً في الجهلِ عنْ سـبَبٍ
لِـمَـا تـراءى لـهُ الـدِّيـنـارُ بـالسَّــبَـبِ
يُحاولُ المَجدَ لا دِيْنـاً ولا خُلُـقاً
وليـس يُتقِـنُ غـيرَ الفَـنِّ بـالكَـذِبِ
هذا بِرَسْـمِ الذّي يمشـي بجانبِهِ
وليس في جَيْبـهِ تِرياقـةُ الجَّـرَبِ
يُصغِّرُ المَرءَ أصحابٌ بلا شَــــرَفٍ
ويَكْبُـرُ المَـرءُ بالأصحـابِ مِنْ ذَهَـبِ
قالَ النَّبيُّ حديثَاً يُســْــتَطَبُّ بــهِ
كـادَ الكبيرُ بقـومٍ أنْ يكونَ نَبِـيْ
ثَـبْـتٌ أمـامَ ظَـلـومٍ لا ســماءَ لـهُ
ودونَ ظُـلْمِ الورى يا أرجُلَ الهَـرَبِ
إنْ ظَنَّكَ القومُ عِند البأسِ سيِّدَهمْ
و أمَّــروكَ فــكُنْ للمــجْدِ ذا أرَبِ
واختـرْ ذُؤابتَــهمْ عَــوناً و مُــتَّكَأً
فقد تَصيرُ بِعدوىٰ الصَّحْبِ بالنُّـجُبِ
ولا تُــنَحِّ عنِ الــشُّورىٰ تَقِــيَّهُمُ
تغارُ منهُ علىٰ الكُرسِيِّ مِنْ خَشَبِ
فــلا نصــيحةَ إمّا كُــنْتَ طالِـبَـها
إلاَّ مِنَ العقْلِ عنهُ الغَيْبُ لم يغِبِ
ورُبَّــما نــاصــحٍ إيّــاكَ مُــتَّصِــلٌ
بِـعُـقْدةِ اللهِ لا في عُـقدةِ العَصَــبِ
فَـقِلَّـةٌ كانَ مِـنْ سَـلْمـانَ ذا رَحِـمٍ
وكــمْ تَكَرَّرَ في القُربىٰ أبو لَهَـبِ
سُـؤالُ ليلى عِـتابٌ إنْ تُحـاسِـبُـني
ولا يُحاسَـبُ أهـلُ البـغْـيِ بـالعَـتَـبِ
وكـم جـميـلٍ عَطـاءٌ لا طِـلابَ بـهِ!
وقـد يهـونُ عَـطـاءُ الحُـرِّ بالطَّـلَـبِ
وليس في ذِمَّةِ الأشجارِ أنْ كَرُمَـتْ
كما على ذِمَّـةِ المعـنى مِـنَ العِـنَـبِ
فاسْمعْ نصحْتُكَ مِنْ قاموسِ معرِفَتي
إلاّ .. فخلِّ العُـلا للصِّيـدِ وانْسَـحِـبِ
ــ الثَّـبْتُ : الشجاعُ الذي يثبُتُ عندَ منازلَةِ الأبطالِ
ــ الصِّيدُ : الرِّجالُ العظماءُ
ــ سَلْمانُ : هو سلمانُ الفارسي
الشاعر حسن علي المرعي٢٠١٦/٩/٢٩م