يا وحي قافيتي // بقلم الشاعر: علي أحمد أبورفيع

يا وحي قافيتي
ـــــــــــــــــــــــــ
يا وحي قافيتي ونبض جناني
في بحر عينيكِ انتهت شطآني

وجهت جيش السحر يغزو مهجتي
فتهاوت الأسوار في وجداني

وشتلتِ في جدب السنين خمائلاً
رقصت على أنغامها أغصاني

أنا في يمينكِ ريشةٌ رسامةٌ
تاهت ملامحها برسمكِ الفتانِ

حاولت إخفاء الحنين تجملاً
والعين تبدي ما طوى كتماني

أذقتني جمر الغياب وحرقةً
والصمت لا يشفي غليل يعاني

طوينا كتاب الود رغم أنوفنا
ورضيتُ فيما خطهُ الحدثانِ

::ـــــــــــــــ٢٠٢٥/١٢/١٧
بقلم : علي أحمد أبورفيع
(إبن الباديه أبورفيع)

على باب اللقاء// بقلم الشاعر: د. سما سامي بغدادي

على باب اللقاء


يا من تهامسَ سرُّ حبِّك في دمي
يجلو هواك همومَ قلبي المغرمِ

يا من زرعتَ بدربِ روحي زهرةً
تسقي الوفاءَ بعطرها المتبرعِمِ

ما زلتُ أنتظرُ اللقاءَ كأنّهُ
فجر يطل بنورِه المتوسم ِ   

أحصي الثواني علَّ بابكَ يفتحُ
فالوقتُ دونك مثل ليلٍ معتم


وألوذُ بالذكرى إذا طال النوى
أنفاسُ روحي كالمساءِ المظلمِ

أرنو إليكَ وفي يديَّ رسائلٌ
سُكبَ الحنينُ حروفَها بتنغم ِ

ما خنتُ عهدَكَ يا ضياءَ ملامحي
فالشوقُ عندي خالدٌ لم يُهزَمِ

حتى إذا جاء اللقاءُ تأوّهتْ
روحي، وعاد العمرُ عندك يرتمي

إنّي انتظرتك والوفاءُ مؤازري
والنبضُ خطَّ حكايةَ القلبِ الظمي


يحيا فؤادي للَّقاءِ  ويرتجي
ما غاب ذكرك يا جميل المبسم


حتى بدا للعين طيفك ساحراً
هطلتْ عليَّ رياحُ شوقٍ مُبهمِ


وأسيرُ نحوك والهدوء يحفُّني
تتبارك السكنات بين  تبسمِي

أستلُّ من نورِ اللقاء بشارةً
أنَّ الوصالَ حقيقةٌ يا ملهمي

وأراكَ حين تغيبُ عني حاضِرًا
في الروحِ… في نبضي… كظلّ المغرم


علّمتَ قلبي في الغرام طهارةً
يمشي بها نحو الكمال وأنتمي

ما عادَ شوقي يبتغي إلاّ الرضا
والقربُ منك عمادةً  لم تُحسَمِ

هذي الرسائلُ من فؤادٍ مغرمٍ
تمضي إليكَ بلهفةِ المستسلمِ



يا من يُشادُ بشخصك  المتفردِ  ِ
ماخاب قلب  هام فيك مسلّم ِ

خذني إليكَ، فإنّ حبَّكَ منزلٌ
يمشي إليه القلبُ دونَ تكلمِ

أ. سما سامي بغدادي

غياب قاتل// بقلم الشاعر: علي أحمد أبورفيع

غياب قاتل
ــــــــــــــــ
تِلكَ حروفي بالشُعورُ المُزمِنُ
لم يِعُد ذكر غيابكِ فِيهَا مُمكنُ
وإن سألت عن شُعُوري فِي الهَوَى
أصبحت فِي هَوَاكم ضعيفٌ مُدمنا
كتبت رَسَائلي لكِ ثم جمعتها
لعلي اثبتُ انها لكِ وابرهنُ
هل تَدرِين أني بنيتُ بفؤادي
لكِ قصائدي كمَنزِلٍ كي تَسكُنو
ولو كتبت كل  قَصيدَة فيكِ
بكل قُوّة ومعنى تَجِفُ الألسُنُ
ولا غير الشعرُ يَحمِلُنِي اليكِ
لجمال حُسنكِ حِينَ تَغفُو الأعينُ
حُلمِي بأن أرَاكِ  وَ نَلتقِي
حِينها يا مُنيَة الفؤاد أتمكنُ
أصبح قَلبِي بعد غِيَابكِ فَارِغا
وَجَفَاكِ فِي أرضِ الهوى مُستوطِنُ
ليس لي إلاكِ كل مَن عرفت
غَابُوا ومن الغياب جفَّ السوسنُ
لما رأيتُكِ ذات حلمٍ من يقيني
أني ضَممتكِ حِينها مُتمكنُ
أتعبني بُعادكِ وازداد الجفَا
لعل بِدفءِ  وَصلكِ  أتحسَّنُ

::ـــــــــ٢٠٢٥/١٢/١٢
بقلم : علي أحمد أبورفيع
(إبن الباديه أبورفيع)

من ثلاثية زمان الجدات // بقلم الكاتبة : د. سما سامي بغدادي

من ثلاثية زمان الجدات

صرة جدتي
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
كلما دار ت رحى الزمان مرّ طيف  الازمان المندثرة وهي تنثر شذاها العطر بين الثنايا ٠٠ وكأني أسير في الدروب العتيقة المعطرة شقوق جدرانها برائحة  المحبة والطيبه تتناثر بين أطرافها زهور الياس والقداح المبلل بنثار المطر٠٠٠ ويكلل هامات أبوابها  الياسمين المبجل وهو يرسم تيجانا” للظلال المحلقة في السماء ٠٠٠ تتفتح في قلبي أزاهير الليل أهزوجة نجوى تهمس بالسمر ، حينما كانت  تفرّ الاجساد من سخطها اليومي لتدور به على المواقد , تستلهم الخرافة أشكالاً من أحلامٍ مستحيله في حكاية ,فيسرج البراق لون أمنية تحولت إلى آلهة مجنحةمرفرفة برشاقة كالعنقاء الأسطورية, متلاشية في عناقيد نجميةوراء السماوات، تركتْ آثار خطواتها على الغيم .
أجنحة الفراشة إحترقت بدبيب الانوار المتسللة الى الأسطح , تدور بعطرها  بين النسائم البكرية  تتبع  أساريب الزهر , كما إعتادت التحويم فوق غابة الظلال الظليلة ، عبر إخضرار الأشجار الوارفة .
عبر الحقول الشاسعة والأودية الكبرى المكللة بالزهر البريّ والزنابق الخرافية , إعتاد السكون التسلل عبر المنحدرات العاليه والشلالات , يسقي عالماً شديد البؤس للرغبه العارمة بالحياة , لايسأل الانسان البسيط في قريتي  البعيدة التي غطت في ذاكرة الاوقات كحلمٍ منسيّ ،  عن معنى لحياته ، أنه يعيش كما تعيش النخلة المحملة  بالثمر تنتظر من يقطفها لتعود وتتمايل بحرية مع الريح , بعد أن تخلصت من عبأ الخصب , لتنشد موسماً جديداً محملاً بحلاوة الانتظار لأنقلاب الفصول , يتأمل من في القرية الفجر وهو يشرق بأنفاس الحياة كل يوم , ليثمل العالم بنداوة النشوة وعبير الورد , لايدرك الانسان البسيط في قريتي كم سيبقى ، ومتى يغادر  ، ولتبقى الجنه والجحيم منتظرتان حتى النهايه .الاقدار مكتوبة , كما هي الكروم المغطاة تحت العرائش , ترتسم ألوانها ومذاقاتها بكن القدرة ل تحيي الربيع  بمذاق الخصب  …
يلوح لي طيف جدتي بوجهها القمري وشناشيل العصابة ورسم الوشم في طرف الذقن ومكان الخزامه وعطر المسك الذي يلوح من فوطتها ٠٠ ترسم أخيلتي ألوانا
منمنمة لورود تناثرت في  ثنايا فراش جدتي وزخارف خططت حيطان غرفتها تمتد حتى البساط الذي يملأ باحة الغرفة بألوانه الشعشاعة وخيوطه الصوفية المغمسه برائحة المسك وعطر دلة القهوه بجانب أقداح الشاي وموقد الفحم ٠
لطالما تراقصت أخيلتي وهي ترسم  في حجرة جدتي  فوق فضاءآت من نور فتيات البالية  وهي تتمايل على موسيقى الاوركسترا بين رهط الحضور في صالات القصور للنبلاء ٠ وتنتقل بين مغارات مسكونة بهمهمة الانين في عوالم الغجر  والسحره وعفاريت الجان ٠  كانت الصور تتقافز مع كل تمثال  زجاجي وضعته جدتي في (الجامخانه) الزجاجيه التي كانت تحفظ فيها الهدايا التي جلبتها معها من القدس والسيدة زينب وبيت الله الحرام ٠
( مسواك ) المسجد النبوي ومصحف الحرم في صندوق فضي مزجج وسلة من خوص مذهب تحوي تمرات من بستان فاطمه الزهراء ،  وصندوق خشبي محفور بزهور ورموز لا أفهمها يحوي كتابين قال لي أخي الاكبر مرة  وهو يبتسم حين سألته عنهما هما كتاب التوراة والانجيل وفوقهما القرآن الكريم ٠٠ وسألته لماذا جدتي تحتفظ بكتاب اليهود والمسيح مع كتاب القرآن ، ۡقال لان الجدات لاتحفظ  دينها بين طيات الكتب ولكن تحفظه بين طيات قلبها فلا فرق  عندها مادام يحمل معنى المحبة في اسم الله٠
وكان هناك ركن في خزانة جدتي لتماثيل زجاجيه إشترتها من رحلاتها كتذكار تماثيل أميرات بفساتين بيضاء ووجة حليبي  وشفاه كرزيه  ٠ وتماثيل لعرائس البحر  وتمثال الغجرية السمراء وهي ترتدي عصابة مزكرشة  وعيون سوداء  حاده النظره  كنت كلما نظرت اليها
كأنما نظر ت في عمق روحي وهي تتلو تعويذة سحريه!! وفي ركن  الغرفة الشرقي كان يقبع صندوق خشبي  منقوش مزخرف  بفصوص من حجر وخرز ملون كنت أعد حبات الخرز وأمرر يدي عليها وأسرح في سحرها الذي يموج بين أناملي٠
كانت جدتي تفتح صندوقها المعطر وتفوح منه روائح زكية كنسيم الجنة
عطر المسك المغمس بدهن الورد الذي كانت تعطر بيه سجادة الصلاة وبعض فوط الحج مع وحبات الهال التي كانت تحفظها في صره وكنت أجلس الى جانبها كي أرى ماتحفظه داخل الصندوق العجيب شاهدت تارة صرة من الستان الابيض المطرز بزهور الخرز الازرق
فيها بعض من ثياب عرسها ومخدة رضيعها الاول وصرة أقراطها وحليها  ومسبحة جدي الثمينه وبعض خواتمه وصندوق الدخان الفضي قلت لها ذات مره  أعشق هذه الصرة جدتي
قالت
(هي صرة من رحيق أمي أجمع فيها ذكريات أيامي )
الى  جدتي التي سيعود  العمر معها مكللاً بهالة بيضاء من ربيع الأوقات ،  يحن قلبي ، ويحن قلبي لوطن تعمره روائح الطيبة وتلفة الوان العافية وتزينه
روح المحبة وجمعة الاهل في أيام آخر الاسبوع  ونحتمي تحت أستاره في ظُلل الامان ك صرة جدتي ٠

سما سامي بغدادي

زمان جدتي// بقلم الكاتبة : د. سما سامي بغدادي

زمان جدتي
………………
في رُكنٍ بعيدٍ من الذاكرة، حيثُ يتهادى الضوء بين خُصلات الطفولة ودفءِ الحكايا، كانت تسكنُ جدّتي “نغماشة” كما لو أنّها نغمةٌ انسكبت من عودِ الرّوح، لا تُسمَع بل تُحَسّ.
كانت تعيش في قريةٍ تتدلّى من أطراف الغيم، ينسجُ أهلها الصوف، ويقايضون تعبهم بالعطاء، ويقيسون الغنى بما تفيضُ به القلوب لا بما تُحصيه الأيدي
كانت جدتي نغماشة تعيش في قرية بعيدة وكان أبوها يعمل ندّاف الحي . تغزل نساء العائلة الغزل والصوف وتحيك السجاد مع صبغ الأصواف ..كانت معيشتهم ،حسب ماذكرت والدتي ، تقتصر على مبدأ المقايضة ، وقلما يحصلون على المال مقابل أعمالهم ، فقد كان بيت جدي ملتقى للأعراب .. عند الفجر يأتون إليه للمقايضة بصوفهم ولبنهم وحليبهم وبيضهم  مقابل منتوجات القطن والصوف للأعراس في خان يتوسط دارهم الكبيرة .

فجر بيت جدي  ،  السماء خفيفة بوبرها العاجي ، أناملٌ رقيقة ترص أقراص الخبز
بالقرب من أقداح الشاي ،بشوق شديد يناغي الصباح ، رحيق القهوةٍ وهو يفوح فوق الموقد ، ترقب الثمار اليانعة أيدي قاطفيها  ، وبيت جدي يفوح برائحة خبز التنور الحار الذي كانت جداتي تخبزنه ليؤكل مع البيض واللبن … يعلو فيه ضجيج الرعيان وأصوات بائعات اللبن ، يصيح الديك مترنماً ببكرية اليوم و ألوان الفجر ترسم لوحة مخملية من أنس الزمان
كان جدي يشارك ضيوفه من الأعراب طعامهم ويحدث أن يطعمهم من الزاد الذي يأتون به للمقايضة .. كان يحب السمر والشعر وسماع أحاديث الناس وأخبارهم في قراهم البعيدة .. ولطالما خرجت من بيت جدي (صندقجة )الأعراس الملأى بالبخور ومفروشات العرس , وكان جار بيت جدي شمعون المندائي يختص ببيع الذهب للزواج ، ولم ينفر منه أحد ولم يعاقبه أحد لاختلاف دينه عن دين من يبيعهم الذهب .. حينما كانت أمي تحدثني عن ذاك الزمان تخيلت الفجر في بيت جدي كيف كان جميلا بأنسامه البكر وكم كان محملاً بالأسرار والحكايا والفرح ,وروائح البخور المختلطة بعرق الرعيان وروائح اللبن على أطراف عباءة  بائعة اللبن .تخيلت أني أشاهد لوحة من لوحات المستشرقين التي تتعطر بعبق الماضي وتعج بأنفاس الحياة مادام الزمان ..لعل زمان بيت جدي لايخلو من الهموم ولا تخلو فيه مخيلة الإنسان البسيط من الحلم والأمنية لكنه ربما يشع بالإيمان بمعاني المحبة الفطرية في داخل الناس . لم يكن ذاك العالم يحمل تلك الفردية المتفرعنة لسحق الآخر ، كان كل شيء يجري ببساطة وتلقائيّة مفرطة ، كان كل شيء يحدث بطيبة وبقلب صاف يشارك الآخر مهما اختلف هذا الآخر عنه لأن الفطرة والبساطة لاتدرك الاختلافات والمسميات وإنما تدرك مايناظرها فطرة وطيبة

كانت جدتي نغماشة فتاة جميلة بعينين زرقاوين ووجه أبيض مورد ،لذلك سمّاها جدي نغماشه بمعنى بالعامية .. تداعب أوتار القلب بجمالها  ،  نغماشة الجميلة كانت تسترق السمع لأحاديث السمر في بيت جدي .. ففي ليالي الشتاء كان يجتمع الشعراء والمغنون للسمر والاستمتاع بالحكايا والشعر المغنى .. أحبت جدتي جدي الشاعر الذي كان ينشد شعر الغزل والحب .. دون أن تراه إلا من وراء ستار وهكذا هي المرأة تعشق بأذنيها .. ظلت تعشقه زماناً دون أن يعلم وكانت تستنجد بأمها كلما جاءها خاطب ليخطبها ،حتى طرق الباب مرة للسؤال عن جدي .. ورأى جدتي نغماشه تفتح الباب فانبهر بجمالها  وخطبها من جدي فوراً وتزوجا وعاشا عمريهما بمحبة ومودة خالصة ،  في البساطة والتلقائية إيمان عميق بروح الحياة التي تسكن الحب وقلوب المحبين .

البارحة جاءني طيف غريب , لم أر جدتي في عمري سوى  صورة قديمة احتفظت بها أمي لامرأة عجوز بوجه ودود قالت إنها جدتي , شاهدتها تجلس على فراش مزركش بالألوان والرسوم وكان طيفها حنون الملامح ..أحسست من البداية أنها جدتي , كنت أعبر المكان الذي تجلس فيه و أنا أستنشق عبير المسك الذي يعطر جدراناً  قديمة ، وصلت إليها وسألتها ماهذا الفراش الجميل ؟ أجابت : هذا فراش جدك  !. فأدركت عندما صحوت من طيف جدتي المعبأ بعطور المسك أن الكون يفترش بساطاً ملوناً مخمليّ المعاني يجلس عليه العشاق مادام الزمان !
د.سما سامي بغدادي

محراب الوصل /( بقلم الشاعرة المبدعة : د. سما سامي بغدادي

محراب الوصل
………………..

وغدوتُ في محرابِ وصلك أرتمي
أهفو لوجهٍ كالضياءِ المرهف ِ

فبهاء نورك كان  يسكن خطوتي
وبه الدروبُ تُضيءُ دون تكلف

يا زهرةً نادتْ بقلبيَ نشوةً
قد آنَ لي أن أستريحَ وأكتفي

قد علمتني في هواك طهارتي
فالحبُّ دربُ للنقي الأشرفِ

يا من يقيم  بدفق روحي سحره
خذني  الى سبحات  نورٍ مترف

أهوى السكونَ إذا تجلّى طيفُهُ
ويزيد من ولهي إليه تلهّفي

يا من تلوت على فؤادي أيةً
فغدوتُ أُبصرُ ما وراء الموقفِ

قد هامَ قلبي في جلال سكونهِ
وسرى إليك بنبض قلب ٍ  مدلف ِ

أبصرتُ وجهَ النور  في  سبحاتكم
وتبدَّدَ الظلّ القديم المختفي

ماعدتُ أطلب  من زماني متعةً
إلا رضاك لكي يزيد تعففي

د.سما سامي بغدادي

شوق// بقلم الشاعرة المبدعة: د. سما سامي بغدادي

شوق
………
شوقٌ اليك يقودني لاينتهي
أنت الحياة وبسمة الأكوان

راق الفؤاد حديث قلبك سرّهُ
أطربتني ياساحر الألحانِ

كل الأنام ِكريح صيفٍ لافحٍ
إلآك وحدك كالنسيم  الحاني

يا منبعَ الإلهامِ يا نور الضحى
وسِراجَ روحي في دجى الأزمانِ

ان غبت ضاع العمر بين متاهةٍ
يبكي الفؤاد من الفراق يعاني

لك في دمي نبضُ القصيدةِ ما بَقى
في الحرفِ من نفسٍ ومن إتقانِ

إني سأزهو في هواك كنيزكٍ
أجلو ظلامَ الحلمِ بالألوانِ

يامن بلطف حديثهِ يحتلني
وغرامه كالنور في الوجدان

يا نبضةً للروح تسكن مهجتي
وسراجَها  في ليلي الوسنانِ

شوقي إليك يزيد يا من حبه
قد صانني من قسوة الأحزان

أ. سما سامي بغدادي

أوقدت شعري// بقلم الشاعر: علي أحمد أبورفيع

أوقدت شعري
ـــــــــــــــــــــ
أرق تملك فوق هدب مسائي
ويداه تخنقني بلا استحياء

نامت على كتفي معاول غربتي
واستيقظ البركان في أحشائي

من لي بربك غير حرف مغرم
لو قلته شعر الطبيب بدائي

من لي بربك غير شعر قالني
واقوله للعالمين ورائي

اوقدت شعري نور بدر للورى
لكنهم جهلوا سنا الشعراء

فتغربت روحي وروح قصيدتي
واستوطن الغرباء في جوزائي

أقتات من عشب انتظاري والنوى
يقتات من  عمري ومن حوبائي

الشعر داء والدواء وريقتي
منها  ألملم  في الدجى  أشلائي

::ــــــــــــــ ٢٠٢٥/١٠/٣١
الشاعر : علي أحمد أبورفيع
(ابن الباديه أبورفيع)

رؤية انطباعية في قصيدة الشاعر :  علي أحمد أبو رفيع بقلم الاديبة والشاعرة :  د. سما سامي بغدادي

رؤية انطباعية في قصيدة الشاعر :  علي أحمد أبو رفيع
بقلم الاديبة والشاعرة :  د. سما سامي بغدادي

الشاعرة والاديبة : د. Sama Baghdady
انتِ شرحتِ واسهبتِ في البيان والتبيان باسلوب وﻻ ارقى يحيث يخيل للقارئ انه امام واقع يحصل امامه ويرى قراءتك مرسومة ومنقوشة بايحاءات تدليلية..
في انسياب شهدك تسكننا الروابي ومواسم الخصب
فتسرع الرؤى بكينونة جمالها لتنحني أمام جمرة حسّك ووهيج ذائقتك ..
في فضاء كينونتك ، يُعرّش الحرف بتلافيفه الموحية وتضاعيفه الطيفيّة مكوّنًا تجلّيات رؤيوية تحتكر الجمال المفقود فتستميلنا مراياك المتصادمة بالبروق فنحبّ ظلّنا الظامئ إلى رفيفك المباغت … جميل نقدك وربّي
……………………………………
القصيدة

……   …………
غارق بهواكِ
ــــــــــــــــــ
مذ كان قلبكِ زهرة في كمِّها
أضحتْ يدي بحنانها ترعاكِ

والقلب يهواكِ يشم عبيركِ
يحنو عليكِ من نسيم هواكِ

لما تعانقنا بروحينا أرى
روحي وروحك ملككِ وفداك

تتناغم الآهات عند عناقنا
والقلب بعد هتافكِ لباكِ

أنا من رشفتُ السحر بين جفونك
من كأس حبكِ بوركت يمناكِ

لا تمنعيني رشفةً من ثغركِ
فالشهد ما جادت به شفتاكِ

أتشكِ في حبي لكِ وتعلقي؟
أو ليس قلبي جهرة ناداكِ؟

فكيف يعترف القتيل بحبه؟
وقاتلي يا مهجتي عيناكِ!

من قبل قلبكِ ذاب قلبي حينما
خلتيه صدكِ عندما غشَّاكِ

فالقلب مفتون بعطركِ دائماً
يمسي ويصبح لا يحب سواكِ

قلبي التَقَى جُل الورود بطيبها
لكن فليس يشده إلاكِ

لا تحسبيني مازحا أو لاعبا
كلا فإني غارق بهواكِ
٢٠٢٥/١٠/٢٥
بقلم : علي أحمد أبورفيع
(ابن الباديه أبورفيع)
………….


مقدمة

لطالما  يبهرنا الشاعر المبدع   د. علي احمد ابو رفيع  بهذا الفيض الوجداني  الملهم
حيث تتجلّى في نصوصه ملامحُ الأصالة العربية في أنقى صورها، ويتوهّج فيها وهجُ الكلمة الكلاسيكية الموشّاة بعطر الوجدان ودفء المناجاة. إنّ أسلوبه يحفظ للقصيدة العربية هيبتها الإيقاعية وجلالها اللغوي، ويمنحها في الوقت نفسه روحًا حديثة تنبض بالحب العذريّ، وتستعيد صفاء الإنسان في فجره الأول.

يكتب الشاعر بروحٍ تنتمي إلى مدارس العشق الصافي، حيث يلتقي الحسّ الإنساني بالوجد الصوفي، فتغدو القصيدة مقامًا للتطهّر العاطفي، وفضاءً تتحد فيه الروح بالمحبوب. إنّ معانيه تنبثق من عمق التراث، لكنها لا تكتفي بالحنين، بل تُعيد بناء الصورة الشعرية على أسسٍ وجدانية، تُعبّر عن توق الإنسان الدائم إلى الجمال والنقاء.

في قصائده، يهبّ النسيم من عمق اللغة القديمة ليُلامس القلب الحديث، فيمتزج الشجن بالسكينة، والحنينُ بالتأمل، وتتعانق الكلمة مع المعنى كصلاةٍ تُرفع على محراب الحبّ. هو شاعرٌ يعرف كيف يجعل من الإيقاع صلاةً، ومن الصورة دعاءً، ومن الحرف نورًا يتجاوز حدود الغزل إلى مجرّةٍ من الفناء الروحي والعشق الإنساني الكوني.

بهذا الأسلوب الرفيع، يعيد الشاعر علي أحمد أبورفيع إحياء مجد القصيدة العربية، ويمنحها وهجًا وجدانيًا يربط بين النقاء الأول للذات، والتجلي الروحي للحب في أبهى معانيه.

الرؤية :

…..     ….   ……

نحن اليوم أمام قصيدة شفافة  تتجلّى فيها تجربة العشق في صورتها الكلّية، حيث يتحوّل الحب من انفعال إنساني إلى طقسٍ روحي يتجاوز المألوف، ويغدو الوجدانُ مرآةً للوجود نفسه. لا يقدّم الشاعر هنا خطابًا غزليًا تقليديًا، بل يعيد تشكيل فكرة الهوى كحالة من الفناء الوجداني، إذ يتماهى المحب في معشوقه حتى تتلاشى المسافة بين الـ«أنا» والـ«أنتِ».

منذ المطلع «مذ كان قلبك زهرة في كمّها»، يبدأ النص بتكوينٍ رمزيٍّ يشي بنشأة الجمال في فناء  النقاء، حيث يتحوّل القلب إلى زهرة واليد إلى حارسٍ لهذا الكائن المقدس ،  إننا أمام استعارة تُحيل إلى ولادة الروح  النقية وهي تتنفس  معاني الجمال الكوني والتجلي الروحي للحب العذري والارتقاء المعنوي  من خلال  فوضويات   البهاء الانساني  والروحي   ،  لا المادي  وتلك السمة تمنح النص بعدًا صوفيًّا خفيًّا، يربط بين المحبة الأرضية والصفاء الإلهي.

يتدرّج الإيقاع الشعري في منحناه الداخلي بين البوح والابتهال، حتى يبلغ ذروته في قوله:

«روحي وروحك ملكك وفداكِ»

هنا، تتجاوز العلاقة الثنائية حدود الغزل لتبلغ مقام الاتحاد، حيث تفقد الروح استقلالها، ويصبح الوجدان كائنًا واحدًا نابضًا بعشقٍ كونيٍّ، يستعيد روح ابن الفارض وجلال الدين الرومي في نظرتهما إلى الحب كجسرٍ بين الإنسان والمطلق.

كما يتجلّى في النص توظيفٌ فنيٌّ لثنائية القداسة والتجلي  الروحي  لمعاني المحبة الاصيلة ، من خلال مزج الصور الحسية بالرموز الروحية: «من كأس حبك بوركت يمناكِ» — فالكأس هنا ليست خمرًا أرضية، بل رمزٌ للمحبة التي تسكر الوعي وتفتح البصيرة. إنها لحظة إشراق يباركها العاشق، فيستبدل الخطيئة بالبركة، وتأمل المحبوب  بالقداسة والمناجاة .

في البنية الجمالية، يحافظ الشاعر على نظامٍ إيقاعيٍّ متين يُذكّر بتراث القصيدة العربية الكلاسيكية، ويُضفي علية  بلمسات وجدانية رقيقة تمنحه انسيابًا عذبًا وتوهّجًا موسيقيًا. تتكرّر الأفعال المشحونة بالعاطفة مثل يهواكِ، يحنو، يشم، يعانق، لتخلق حركة داخلية تعبّر عن انصهارٍ مستمرٍّ بين العاشق والمعشوق.

ويأتي الختام بمثابة تتويجٍ دراميٍّ للشعور الانساني :

«كلا فإني غارق بهواكِ»

فالـ«غرق» هنا ليس ضعفًا، بل خلاصًا وجوديًا، إذ يتطهّر العاشق من ذاته ويبلغ مقام الفناء في المحبوب، تمامًا كما يغرق الموج في البحر ليعود إلى أصله.

بهذه اللغة المصفّاة والصور الموحية، ترتقي القصيدة من الغزل إلى تجربة عشقٍ كونيةٍ، تُعيد تعريف العلاقة بين الحب والروح، وتؤكد أن العشق، في جوهره، هو سفرٌ نحو المطلق عبر جسدٍ من نور وكلمةٍ من حياة.

أ. سما سامي بغدادي

الأرواح الطيبة … مرايا الوعي// بقلم الاديبة : د. سما سامي بغدادي

الأرواح الطيبة … مرايا الوعي
…….. . ………………………
أحيانًا يثقل الجسد بما لا يُرى، وتتشابك الخطوات في دروب تزدحم بالضباب. القلب يئن تحت وطأة ما لم يُقل، والعين تتعب من ملاحقة تفاصيل لا تنتهي. في تلك اللحظات، يصبح أبسط فعل — كترتيب ورقة، أو إغلاق ملف منسي، أو تنظيف زاوية من البيت — بمثابة فتح نافذة يدخل منها النسيم. الأشياء الصغيرة ليست عابرة، إنها مفاتيح تعيد للعالم صوته المنتظم، وتسمح للروح أن تستعيد أنفاسها.

أن تمنح نفسك فسحة للراحة، أن تضع حدودًا واضحة بينك وبين ما يستنزفك، أن تقول “كفى” عندما تفيض الكأس… ذلك ليس هروبًا، بل حماية لزهرةٍ خفية في داخلك، زهرة لا تزهر إلا حين تجد التربة آمنة ترتوي بمعاني السلام
الوعي ليس وجهًا مُشرقًا على الدوام، بل مرآة تعكس النور والظل معًا. أن تكون واعيًا يعني أن تعترف بما يؤلمك كما تحتفي بما يبهجك، أن ترى حزنك كجزء أصيل من حكايتك، لا عارًا عليك إخفاؤه. النور لا يكتمل إلا حين يعانق العتمة، والتمسك باليقين الالهي في قدرة التغير والتسليم المطلق مع السعي في دروب الحياة والصدق مع الذات هو الطريق الوحيد للسلام.

وجودك في هذا العالم إشراقة لها معنى. لم تُلقَ هنا مصادفة، بل لأن لك دورًا لا يملكه سواك. الكون يفتح لك أبوابه حين تتهيأ، والرحمة تلمسك في أدق تفاصيلك، حتى وإن لم تلتفت إليها. كل ما تحتاجه أن تُنصت بهدوء: ستجد أن روحك تعرف الطريق، وأن الطمأنينة كانت دائمًا تسكنك، تنتظر أن تلتفت إليها.

فالروح الطيبة لا تُهزم، بل تنهض من بين ركام التعب، تفتح جناحيها، وتعود إلى ذاتها… هناك حيث يزهر الوعي، وتولد المعجزة.
وهنا يكتمل المشهد بالتماهي الحر مع مفردات الطبيعة وجدلية الحياة بين إشراقٍ وأفول؛ كالشمس حين تغرب لتفسح مجالًا لنجوم الليل، وكالبذرة التي لا تبرعم إلا بعد أن تعانق ظلمة التراب. إنّ الأرواح الطيبة تدرك أن الانطفاء ليس نهاية، بل فسحة لاستجماع النور من جديد، وأن مسيرة الحياة ما هي إلا جدلٌ أبدي بين الغياب والظهور، بين الصمت والموسيقى، بين سقوطٍ يوقظ ونهوضٍ يزهر.
وكما يكتب المطر على وجه التراب قصيدته، تكتب الروح على وجه الوعي قصيدة النهوض. وما بين حفيف الريح وصمت النجوم، نكتشف أنّنا جزء من جدلية الكون إشراقٌ لا يكتمل إلا بأفول، وحضورٌ لا يزهر إلا بعد غياب.
الأرواح الطيبة تعرف هذا السرّ؛ فهي تتماهى مع شجرة في ربيعها، تتجرد مع ورقة في خريفها، وتعود مع نسمة شتوية لتعلن أنّ الحياة لا تنتهي عند حدود الفقد، بل تُجدّد نفسها في أعماقنا عند كل صباح باللطف الالهي والرحمة التي تشمل الكون .

د.سما سامي بغدادي