قراءة وتحليل نقدي عن نص (غارق بهواكِ) للشاعر : علي أحمد ابورفيع ـ بقلم الشاعر والاديب : الإدريسي أبو علي
استاذنا الجليل الإدريسي أبو علي
انا ارى هنا قراءة عميقة ثبرت اغوار القصيدة بكل شفافية وموضوعية بعيدا عن المجاملة ..نعم استاذي انت شرحت واسهبت في البيان والتبيان باسلوب وﻻ ارقى يحيث يخيل للقارئ انه امام واقع يحصل امامه ويرى قراءتك مرسومة ومنقوشة بايحاءات تدليلية
يا لخيول إبداعك التي دقّت أديم اللغة فنمت تحت حوافرها أشجار الضوء ووصايا المطر ، هنا ارتفعت الحروف مآذن وتناسلت الرؤى سلالات أنغام مُشجرة ، فجأة احتشدت الفراشات على منارتك فاستيقظنا من نُعاس السطر ..سلم الفكر ودام اﻻبداع تحياتي
قراءة لقصيدة الأخ والصديق العزيز
د. علي أحمد أبورفيع والمنشورة في الجامعة العربية للثقافة والسلام فرنسا.
القصيدة :
غارق بهواكِ
ــــــــــــــــــ
مذ كان قلبكِ زهرة في كمِّها
أضحتْ يدي بحنانها ترعاكِ
والقلب يهواكِ يشم عبيركِ
يحنو عليكِ من نسيم هواكِ
لما تعانقنا بروحينا أرى
روحي وروحك ملككِ وفداك
تتناغم الآهات عند عناقنا
والقلب بعد هتافكِ لباكِ
أنا من رشفتُ السحر بين جفونك
من كأس حبكِ بوركت يمناكِ
لا تمنعيني رشفةً من ثغركِ
فالشهد ما جادت به شفتاكِ
أتشكِ في حبي لكِ وتعلقي؟
أو ليس قلبي جهرة ناداكِ؟
فكيف يعترف القتيل بحبه؟
وقاتلي يا مهجتي عيناكِ!
من قبل قلبكِ ذاب قلبي حينما
خلتيه صدكِ عندما غشَّاكِ
فالقلب مفتون بعطركِ دائماً
يمسي ويصبح لا يحب سواكِ
قلبي التَقَى جُل الورود بطيبها
لكن فليس يشده إلاكِ
لا تحسبيني مازحا أو لاعبا
كلا فإني غارق بهواكِ
٢٠٢٥/١٠/٢٥
بقلم : علي أحمد أبورفيع
(ابن الباديه أبورفيع)
………….
إستهلال :
القصيدة هي تعبير شاعري رقيق يعبر عن مشاعر الحب والعشق بعمق وصدق. يغوص الشاعر في أعماق نفسه ليكتب عن تجربة حب فريدة، حيث يمتزج الحب بالشوق والوله. من خلال استخدام الصور الشعرية والتشبيهات، يرسم الشاعر لوحة فنية رائعة تعكس جمال المحبوبة وتأثيرها على قلبه.
القصيدة تتميز بلغة شعرية غنية ومتنوعة، حيث يستخدم الشاعر الاستعارات والكنايات والمجازات ليعبر عن مشاعره بطرق مختلفة. كما أن القصيدة تظهر مهارة الشاعر في استخدام الوزن والقافية، مما يضيف إليها جمالاً موسيقياً يتناغم مع المعاني العميقة.
من خلال تحليل القصيدة، سنكتشف عمق المشاعر والتعبيرات الشعرية التي يستخدمها الشاعر ليعبر عن حبه، وسنرى كيف يرسم الشاعر صورة رائعة للمحبوبة ويعبر عن تأثيرها على قلبه ونفسه
.. . . . .
تحليل أدبي :
العنوان : (غارق بهواكِ)
- يبدأ الشاعر بالعنوان (غارق بهواكِ) ليعبّر عن شدة عشقه وهيامه بالمحبوبة، والغرق هنا يشير إلى العمق والانغماس الكامل في الحب.
ولتتبين فكرة القصيدة من العنوان
البيت الاول:
(مذ كان قلبكِ زهرة في كمِّها أضحتْ يدي بحنانها ترعاكِ)
- يُشبّه الشاعر قلب المحبوبة بزهرة جميلة، ويُعبّر عن رغبته في رعايتها والاهتمام بها بحنان.
البيت الثاني:
(والقلب يهواكِ يشم عبيركِ يحنو عليكِ من نسيم هواكِ)
- يُعبّر الشاعر عن عشقه للمحبوبة ورغبته في الاقتراب منها، ويُشبّه نسيم هواها بالعطر الذي يعبق في الروح.
البيت الثالث :
(لما تعانقنا بروحينا أرى روحي وروحك ملككِ وفداك)
- يُعبّر الشاعر عن الاتحاد الروحي بينه وبين المحبوبة، ويُظهر استعداده للتضحية بنفسه من أجلها.
البيت الرابع :
(تتناغم الآهات عند عناقنا والقلب بعد هتافكِ لباكِ)
- يُعبّر الشاعر عن اللحظات العاطفية التي يعيشها مع المحبوبة، ويُظهر تأثير صوتها على قلبه.
البيت الخامس:
(أنا من رشفتُ السحر بين جفونك من كأس حبكِ بوركت يمناكِ)
- يُشبّه الشاعر عينَي المحبوبة بالسحر، ويُعبّر عن تأثيرها الساحر عليه.
البيت السادس :
(لا تمنعيني رشفةً من ثغركِ فالشهد ما جادت به شفتاكِ)
- يُعبّر الشاعر عن رغبته في تقبيل المحبوبة، ويُشبّه قبلة شفتيها بالشهد.
البيت السابع :
(أتُشكِ في حبي لكِ وتعلقي؟ أو ليس قلبي جهرة ناداكِ؟)
- يُعبّر الشاعر عن استغرابه من شك المحبوبة في حبه لها، ويُظهر وضوح مشاعره.
البيت الثامن :
(فكيف يعترف القتيل بحبه؟ وقاتلي يا مهجتي عيناكِ!)
- يُشبّه الشاعر نفسه بالقتيل الذي قتلته المحبوبة بعينيها، ويُعبّر عن تأثيرها القاتل عليه.
البيت التاسع :
(من قبل قلبكِ ذاب قلبي حينما خلتيه صدكِ عندما غشَّاكِ)
- يُعبّر الشاعر عن تأثير المحبوبة على قلبه قبل أن يقع في حبها، ويُظهر أنها أذابت قلبه بصدها عنها.
البيت العاشر :
(فالقلب مفتون بعطركِ دائماً يمسي ويصبح لا يحب سواكِ)
- يُعبّر الشاعر عن انشغال قلبه الدائم بعطر المحبوبة، ويُظهر أنه لا يحب سواها.
البيت الحادي عشر :
قلبي التَقَى جُل الورود بطيبها لكن فليس يشده إلاكِ)
- يُشبّه الشاعر قلبه بالزهرة التي التقت بالورود، ويُعبّر عن تميّز المحبوبة عن غيرها.
البيت الثااني عشر :
(لا تحسبيني مازحا أو لاعبا كلا فإني غارق بهواكِ)
- يُؤكد الشاعر للمحبوبة أنه لا يمزح في حبه لها، ويُكرر تأكيده لغرقه في حبها.
. . . . . . .
عيون البلاغة في كل بيت
العنوان :
(غارق بهواكِ)
- البلاغة: استعارة مكنية، حيث شبه الشاعر الحب ببحر عميق يغرق فيه، فحذف المشبه به (البحر) وأبقى على شيء من لوازمه (الغرق).
- الدلالة: تُظهر شدة عشق الشاعر للمحبوبة وانغماسه الكامل في حبه لها.
البيت الاول :
(مذ كان قلبكِ زهرة في كمِّها أضحتْ يدي بحنانها ترعاكِ)
- البلاغة:
- تشبيه: قلبكِ بزهرة في كمِّها.
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر يده بيد حنونة ترعى الزهرة.
- الدلالة: تُظهر رقة المحبوبة وجمالها، ورغبة الشاعر في رعايتها والاهتمام بها.
البيت الثاني:
(والقلب يهواكِ يشم عبيركِ يحنو عليكِ من نسيم هواكِ)
- البلاغة:
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر القلب بإنسان يشم العبير.
- مجاز مرسل: حيث استعمل كلمة (نسيم) للدلالة على الهواء الذي يحمل عبير المحبوبة.
- الدلالة: تُظهر تأثير المحبوبة على قلب الشاعر ورغبته في الاقتراب منها.
البيت الثالث :
”لما تعانقنا بروحينا أرى روحي وروحك ملككِ وفداك”
- البلاغة:
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر الروحين بالجسدين المتعانقين.
- كناية: عن التضحية والوفاء للمحبوبة.
- الدلالة: تُظهر الاتحاد الروحي بين الشاعر والمحبوبة، واستعداده للتضحية بنفسه من أجلها.
البيت الرابع :
(تتناغم الآهات عند عناقنا والقلب بعد هتافكِ لباكِ)
- البلاغة:
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر الآهات بالموسيقى المتناغمة.
- مجاز مرسل: حيث استعمل كلمة (هتاف) للدلالة على صوت المحبوبة.
- الدلالة: تُظهر اللحظات العاطفية التي يعيشها الشاعر مع المحبوبة، وتأثير صوتها على قلبه.
البيت الخامس:
(أنا من رشفتُ السحر بين جفونك من كأس حبكِ بوركت يمناكِ)
- البلاغة:
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر عينَي المحبوبة بالكأس الذي يحتوي على السحر.
- كناية: عن جمال المحبوبة وسحرها.
- الدلالة: تُظهر تأثير المحبوبة الساحر على الشاعر، وامتنانه لها.
البيت السادس :
(لا تمنعيني رشفةً من ثغركِ فالشهد ما جادت به شفتاكِ)
- البلاغة:
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر القبلة بالرشفة من كأس.
- تشبيه: قبلة شفتي المحبوبة بالشهد.
- الدلالة: تُظهر رغبة الشاعر في تقبيل المحبوبة، وامتنانه لما تمنحه إياه.
البيت السابع :
(أتُشكِ في حبي لكِ وتعلقي؟ أو ليس قلبي جهرة ناداكِ؟)
- البلاغة:
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر قلبه بالجهرة التي تنادي المحبوبة.
- استفهام إنكاري: للدلالة على استغراب الشاعر من شك المحبوبة.
- الدلالة: تُظهر وضوح مشاعر الشاعر وعدم شكوكه في حبه للمحبوبة.
البيت الثامن :
(فكيف يعترف القتيل بحبه؟ وقاتلي يا مهجتي عيناكِ!)
- البلاغة:
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر نفسه بالقتيل الذي قتلته المحبوبة بعينيها.
- كناية: عن تأثير المحبوبة القاتل على الشاعر.
- الدلالة: تُظهر تأثير المحبوبة الشديد على الشاعر، واستسلامه لحبها.
البيت التاسع :
(من قبل قلبكِ ذاب قلبي حينما خلتيه صدكِ عندما غشَّاكِ)
- البلاغة:
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر قلبه بالثلج الذي يذوب.
- كناية: عن تأثير المحبوبة على قلب الشاعر قبل أن يقع في حبها.
- الدلالة: تُظهر تأثير المحبوبة على قلب الشاعر قبل أن يقع في حبها، وامتنانه لها.
البيت العاشر :
(فالقلب مفتون بعطركِ دائماً يمسي ويصبح لا يحب سواكِ)
- البلاغة:
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر القلب بالإنسان المفتون.
- كناية: عن استمرار حب الشاعر للمحبوبة.
- الدلالة: تُظهر انشغال قلب الشاعر الدائم بعطر المحبوبة، وأنه لا يحب سواها.
البيت الحادي عشر :
(قلبي التَقَى جُل الورود بطيبها لكن فليس يشده إلاكِ)
- البلاغة:
- تشبيه: قلب الشاعر بالزهرة التي التقت بالورود.
- كناية: عن تميّز المحبوبة عن غيرها.
- الدلالة: تُظهر تميّز المحبوبة عن غيرها، وأنه لا يهتم سواها.
البيت الثاني عشر:
(لا تحسبيني مازحا أو لاعبا كلا فإني غارق بهواكِ)
- البلاغة:
- استعارة مكنية: حيث شبه الشاعر الحب ببحر عميق يغرق فيه.
- نفي: لنفي الشك في جدية حب الشاعر.
- الدلالة: تُظهر جدية حب الشاعر للمحبوبة، وعمق مشاعره.
. . . . . . . .
ختامًا، نجد أن القصيدة تعبر عن تجربة حب عميقة وشديدة التأثير، حيث استطاع الشاعر أن يرسم صورة رائعة للمحبوبة ويعبر عن مشاعره بصدق وعمق. من خلال استخدام الصور الشعرية والتشبيهات، تمكن الشاعر من نقل مشاعره إلى القارئ بطريقة مؤثرة ومؤلمة في نفس الوقت.
القصيدة تُظهر مهارة الشاعر في استخدام اللغة الشعرية والوزن والقافية، مما يضيف إليها جمالاً موسيقيًا يتناغم مع المعاني العميقة. كما أنها تُظهر قدرة الشاعر على التعبير عن المشاعر الإنسانية بطرق مختلفة ومتنوعة.
في النهاية، تظل القصيدة شاهدة على قوة الحب وتأثيره على النفس الإنسانية، وتُثبت أن الشعر يظل واحدًا من أجمل وأقوى وسائل التعبير عن المشاعر الإنسانية.
✍️ إبراهيم علي الإدريسي
