لامبيكا// بقلم الشاعر : حامد الشاعر

لامبيكا
الإرث الغابوي الذي يجب الحفاظ عليه
مدينة العرائش مسقط رأسي و فيها عشت طفولتي قبل أن أرحل مع عائلتي صوب قرية خميس الساحل أرض الأجداد في هجرة معاكسة ولدت بحي يجاور غابة لايبيكا التاريخية و فتحت عيني في حي يطل على شرفات المحيط الأطلنطي و لعبت كغيري من الصبيان في هذه الغابة كرة القدم و غيرها كالجري و تجولت في كل ربوعها و عرفت ملاعبها و أشجارها النادرة و تربتها الخصبة و جوها العليل و ما يحز في نفسي مثل باقي أبناء العرائش المحروسة تعرضها للضياع و التلف و التدمير الممنهج و الترامي عليها و جعلها مطرحا للنفايات فكل شجرة تقطع منها هي خسارة فادحة للوطن برمته و العالم بأسره
لها هذه الغابة مكانة في قلبي و هي من الماضي الجميل و يجب و من هذا الحاضر أن تبقى للمستقبل
كانت ولا زالت مهوى أفئدة عشاقها و ملاذا لكل مستجير و فضاء للتنزه و مكان لراحة البال و طمأنينة النفس
أناشد و معي المجتمع العرائشي بصفة خاصة و الشعب المغربي بصفة عامة المسؤولين من أجل إنقاذها قبل فوات الأوان و ما يقع لهذه الغابة يقع للأسف الشديد في غيرها و حدث ولا حرج و خير مثال المنطقة التي أعيش فيها برمتها
بقيت هذه الغابة المتنفس الوحيد الحقيقي للساكنة فلا يجوز البتة التهاون والتراخي في الدفاع عنها و حمايتها و الذود عنها بل و التفاني في خدمتها و رعايتها
فكل واحد منا يرى ما تتعرض له و يصمت هو شريك في هذا الجرم الذي سيؤدي لموتها إما بسكة قلبية أو شلل كلي
نعلم علم اليقين أنه في بلادنا أرض الشرفاء والأولياء يوجد الخير كله و توجد أيادي بيضاء و نعماء تزرع و تبني و قادرة على صيانتها و ضمان حقها في الحياة من أصغر مواطن إلى أكبر مسؤول و لن نفقد الأمل رغم هذا الألم الكبير الذي تعيشه غابة لامبيكا
لن نقبل أن نفقد كل يوم غابة أو شاطئ أو أرض سلالية أو مكان عام أو مرفق عام الوطن غال جدا و الدفاع عنه جهاد مقدس
هذا الملك الغابوي و الإرث المشاع لا يجب إطلاقا أن يكون عرضة للضياع بأساليب المكر و الخداع
يجب على الجميع أن يلتزم بالتعليمات الملكية التي دائما تلح على حماية المجال الترابي و المحيط الغابوي و كل شيء له قيمة و حيوي و يجب تثمين ذلك و علينا أيضا الالتزام بالمنهج الرباني في البناء والتشييد والإعمار فمن أحياها كمن أحيا الناس جميعا
الغابة الخضراء لا يجب ابدا ترك أي نار تحرقها كيفما كانت و خاصة نار الحقد التي تريد إحراق الوطن كله و نار الغيرة التي لا تريد أن ترى هذا الوطن جميلا و آمنا و مستقرا و نار الكراهية التي تكره كل شيء فيه لمسة جمال و إبداع و حتى لو كان من إبداع الخالق
و نار الفتنة التي تريد إحداث خراب فينا جميعا
لقد حبانا الله سبحانه و تعالى بوطن جميل و لا مثيل له و أعطانا من نعمه و الآلاده ما لا يعد ولا يحصى رجاء لا نخرب بيوتنا بأيدينا و كفى عبثا و كفى استهتارا و كفى غلوا و تطرفا في هذا الأمر المضر والمشين
مدينة العرائش فسيفساء عجيبة جدا تجمع بين شواطئ خلابة كرأس الرمل والماء الجديد و مسطروا و بين غابة تحيط بها مع البحر والنهر كالحزام الواقي و مع انتشار ضباب و وجود سحاب و جريان المياه العذبة في كل صوب و مكان و تشرف عليها مدينة ليكسوس الأثرية المحادية لحوض اللوكوس و الوادي و تجاوزها قريتي الغناء خميس الساحل شمالا و قرية خميس العوامرة أهم منطقة فلاحية بالمغرب جنوبا و تنام على المحيط غربا و تسلم بالأيدي على قرية ريصانة الشمالية و الجنوبية شرقا
علينا أن نقود حملة إنقاذها بكل نصاعة و شجاعة و براعة
هي أمانة عندنا لا يقبل أي عاقل و لبيب الخيانة
فكلنا غابة لايبيكا و أهل العرائش مقيمين و مهاجرين مع حقها في البقاء و كل التضامن معها منا جميعا نحن الغيورين عليها
إنها باختصار أسطورة في زمن الأعجوبة
لامبيكا أيقونة من صنع الخالق من الأجدى له هذا المخلوق الحفاظ عليها و التمتع بها والتملي في وجهها الحسن
و نظرة منها تكفي و نظرة إليها تفي بالغرض
و ما يحدث الآن من غليان شعبي من أجلها و حراك يكفي و زيادة و نحن في الطريق الصحيح و ما علينا سوى توجيه البوصلة لنصل للمبتغى والهدف المنشود
عاش المغرب حرا أبيا و لا عاش من خانه
بقلم ابن العرائش البار
الشاعر حامد الشاعر

اكتب تعليقًا