قصة قصيرة﴿ التلميذة أبو الهول والقلم الأبنوس ﴾// بقلم الكاتب : رشاد علي محمود

قصة قصيرة
﴿ التلميذة أبو الهول والقلم الأبنوس ﴾

فقدت الأسرة عائلها الوحيد والذي كان هو مصدر رزقهم، وكانت عربة اليد والتي يحمل فوقها بعض أنواع الحلوى وبعض الأشياء الأخرى، في هذه المدينة والمدينه التي تجاورها وخاصة أمام المدارس المنتشرة فيهما، وكان ينتهي به المطاف أمام إحدى المدارس في المدينة الأخرى، والتي كان قد تعرف على أحد القاطنين الطيبين بجوارها، فكان في بعض الأوقات يستعين به ليترك عربته في عهدته عندما يكون مُتْعبًا أو يشعر ببعض الألآم، والتي كانت تعاوده من حين لآخر، وقد كان بعد قدومه إلى هذه المدينة قد إنتهت علاقته بالقرية التي ينحدر منها، بعد أن فقد والديه تباعًا كذلك الزوجة وياللقدر، هي أيضًا بعد فترة وجيزة، فقدت الأم ثم تلاها الأب حزنا على زوجته.

اكتفيا بأهلهما الجدد وهم إبنة في المرحلة الإعدادية وشقيقين توءم لم تتعد سنهما الخامسة، فأسقط في يد الأم ماذا تفعل بأبنائها؟
وقبل أن تفكر كثيرًا سمعت طرقًا على الباب، ولم يكن الزائر إلا ذاك الرجل والذي تعرف عليها زوجها وصارا صديقين والذي كان يترك عربته لديه عندما يشعر ببعض الألآم، وكان قد شعر بإفتقاده ولم يكن يعرف سببًا لعدم حضوره، فقرر السؤال عنه فقد كان قد ذكر له َمحل إقامته فيما سبق، فاقترح عليها الرجل أن يقوم هو برعاية العربة أمام بيته، وسيتكفل بشراء كل ماتحتاجه من بضاعة، وهي ما عليها إلا أن تستلم العربة أمام المدرسة ببضاعتها، ولها أن تكتفي بهذه المدرسة وبعض المدارس المجاورة لها إن شاءت، فراقت لها الفكرة، وخاصة ان أبناءها لن يشعروا بشيء، ولن تجرح كرامتهم، لانه توجد مسافة ليست بالقليلة بين مدينتهم التي يقيمون بها وهذه المدينة.

ومرت عدة أشهَر علي هذه الحالة وكانت تحمد ربها كثيرًا علي أنهم يمتلكون هذا البيت الفقير والذي هو من طابق واحد وأن عدم دفع إيجار منزل قلص المصروفات، وكانت تترك إبنيها التوءم وتكلف إحدى جاراتها الطيبات بمتابعتهما من حين لآخر، حتى عودة إبنتها من مدرستها وتتولى الابنة شؤون الأخوين حتى تعود الأم.

تشعر الإبنة كثيرًا بمعاناة الأم والأم أيضًا تأتمنها على سرها وكانت الإبنة عند حسن الظن.

تذهب الإبنة إلى مدرستها والإعتناء بشقيقيها بعد أن تعود من مدرستها حتي تعود الأم.

الإبنه يغلفها الحزن وقد إزداد هذا الحزن بعد فقدها لأبيها وهي بطبيعتها قليلة الكلام، لدرجة أن زملاؤها وزميلاتها كانوا يطلقون عليها ﴿التلميذة ابو الهول﴾ وكذلك لعدم مرحها وصمتها الدائم وكان قد اُحضر إلى هذا الفصل أحد أبناء الشخصيات المهمة، والذي تنقل عبر عدة مدارس خاصة والتي أحدث بعض المشاكل بها، فقرر والده معاقبته والمجيء به إلى هذه المدرسة الحكومية.

كان كل الأطفال ينطلقوا للعب في (الفسحة) وهيةالوحيدة، التي لا تغادر تختها وفي أحد الأيام وبعد (الفسحة) إشتكى التلميذ المدلل للأستاذ بانه فقد قلمه الأبنوس، وكان معلوم وقتها أن هذا القلم من الأنواع العظيمة القيمة، وكان الكل يعلم إبن من هو بل والكل يتمنى رضائه، خاصة وأن والده هو أحد الشخصيات النافذة.

قرر الأستاذ تفتيش كل التلاميذ وعندما حان دورها رفضت رفضًا قاطعًا، حتى أنها كانت تحتضن حقيبتها بشدة وتصرخ، في ذات الوقت الذي كان أحد زملاءها في الفصل يقوم بكتابة َمجلة الحائط، فانتهز فرصة التفتيش، وكان قد إنتهى دوره في التفتيش، فسرعان ما ذهب وأعلن الخبر في المجلة بأن الطفلة ﴿ابو الهول﴾ هي من سرقت القلم الأبنوس، وذاع الخبر في المدرسة ٠ وكان الأستاذ قد نفد صبره معها، ولم يجد بدًا من الذهاب إلى حجرة المدير وإعلانه بكل ما حدث.

هدأ مدير المدرسة من روعها، وصرف المدرس، وأخبرها أنه لا يوجد أحد غيرهما، وأخبرها بأنه لن يخبر أحدًا بأنها أخذت القلم، وأنه سيخبرهم بأنه وجده أثناء مروره في الطرقة، فنظرت إليه الطفلة نظرة طويلة، وكأنها تتحداه وتعاتبه في ذات الوقت، وفي لحظة خاطفة كانت كُتُبَها وكل أشياءها تعانق المكتب، وقطعًا لم يكن القلم الأبنوس من بينهم، فهي كل ماكانت تمتلكه بعض بقايا ﴿ السندويتشات﴾ والتي تنتقيهم من السلة التي هي خلف باب الفصل، لتسد به رمق أخويها لحين عودة الأم بالطعام، وكل ما كانت تخشاه هو أن يفتضح أمرها ٠٠٠٠

قصة قصيرة ٠ بقلم/ رشاد علي محمود

اكتب تعليقًا